﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ ¹⁰

خلقنا الله كألوان الطيف مختلفين ولكن متناسقين.

فنحن آل أدم في دوائر متصلين لكل منا وظيفته وبصمته، ومن يعش بيننا دون عمل إنما هو يعطل علينا الركب ويُحدث خللًا كبيرًا في نظام مسيرتنا.

كل فرد منّا، جميعنا بلا استثناء، مهما كانت مستواياتنا، أفكارنا ومعتقداتنا، أعمارنا وهوياتنا، جنسنا ولوننا، جمال خَلقنا أو خُلقنا، أنا وأنت، كلٌ منا يمسك بطرف من هذه الدائرة، فالجميع وجد وعليه واجب لهذه الأرض. فنحن خلائف من الله، وهذه الأنفس التي تسكن دواخلنا أمانته سيسألنا عنها، وسيحاسبنا عليها وعلى أسماعنا وأبصارنا وقواتنا كيف استغليناها في التنمية البشرية والسعي لصنع ميراث بعد أن نكون صفحة في التاريخ.

قد يأتي وقتٌ على أي امرئ منا يتمنى لو كان يملك حياة شخص آخر يظن أنه سعيد في حياته. ولو فرضنا وانقلبت العوالم وارتدى الشخص المتمني حياة الشخص الآخر لهرب منها فورًا لأنها لاتناسبه، ولأن الله لم يختاره في هذا المكان. فعدل الله لم يميز أحدًا على أحد، خلقنا كلنا لنسعى ولنسعد، فإن كنت تسعى دون سعادة فاستدر وابدأ من جديد فأنت على خطأ.

فإن اسكافيًا محدوب الظهر وقاضٍ بمطرقةٍ من حديد، يعيشون لذة السعادة نفسها، لأنهم حيث وجدوا أنفسهم.

إن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، فانهض وحارب بكل سعتك، فإن لم تجد لك طريقًا فوق الأرض فاحفر تحتها لك نفقًا، ولا تسخر من نفسك فأنت خليفة من الله.

اذهب وابحث عن نفسك، فكما لأصابعك بصمة، لروحك بصمة أقوى تميزك عن باقي الخلائق.

اذهب وفتش عن مكانك الصحيح، إن لم تكن تثمر في مكانك الآن فاعلم أن أرضك غير صالحة لك، ابحث عن غيرها أو احرثها حتى تُخرج منها ينبوعًا يرويك.

اذهب واطرق كل الأبواب ولا تخف، ونادِ في الناس ماتريد، ابحث عن ذاتك سرًا أو علنًا فلا فرق مادامت الوجهة واضحة، أرجوك، لا تخف.

احذر أن يحاسبك الله على فشلك. الفشل هو الموت في الحياة، والعيش اعتمادًا على الأكل والشرب والنوم، لا على الشغف والسعي والمثابرة.

الفشل، أن تنام كل يوم على الجنب الذي وجدت عليه نفسك منذ أن ولدت حتى ولو لم يكن مريحًا، فقط لأنك تظن أن شخصًا آخر سيظهر لك من العدم بفراش من ريش نعامٍ وحرير.

الفشل، أيضًا أن تصل لعمر لاتخجل فيه أن تلوم الآخرين على سوء حالك، فتعيش خالٍ من المسؤولية، خالٍ من الشغف معدوم الثقة مهزوز الذات.

اذهب وجد شغفك، فبعد الله لك الفضل في النجاح، وعليك اللّوم في الفشل.